رحلة طويلة تمتد إلى ما يقرب من ١٤٨ عامًا عاشتها صحيفة «الأهرام» منذ تأسيسها فى ٢٧ ديسمبر ١٨٧٥، ثم صدور العدد الأول منها فى ٥ أغسطس ١٨٧٦، لتشهد بعدها العديد من محطات النجاح، وكذلك العديد من التحديات، والإحباطات، إلا أنها نجحت، بصمود وثبات، فى تحويل التحديات إلى نجاحات، والاخفاقات إلى انتصارات فى النهاية؛ لكى تظل تشرق كل يوم بثقة واقتدار تنشر المعرفة، والتنوير، وتبدد كل خيوط الظلام والجهل. كانت نشأة «الأهرام» عروبية خالصة بعد أن تأسست على يد اللبنانيًين سليم وبشارة تقلا، لتصبح بعد ذلك الصحيفة الأهم والأعرق في العالم العربى على مدى فترات طويلة وممتدة منذ صدورها فى ٥ أغسطس ١٨٧٦ حتى الآن.
لم يكن تقدير عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين من فراغ، حينما أطلق مقولته الشهيرة «الأهرام هى ديوان الحياة المصرية المعاصرة»، لكنه كان تقديرًا استند إلى أسس مهنية عريقة بعد أن نجحت «الأهرام» كصحيفة فى حفظ تفاصيل الحياة المصرية بحلوها ومرها، ونجاحاتها، وانكساراتها، وتطور مراحلها التاريخية، ورصد ثوراتها الكبرى، بدءًا من الثورة العرابية، ومرورًا بثورات ١٩١٩، و١٩٥٢، و ٢٠١١، وانتهاء بثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
ظلت «الأهرام» طوال تاريخها وحتى الآن الأولى فى كل شىء، بدءًا من المحتوى، ومرورًا بالطباعة والإخراج، وامتد ذلك أيضًا إلى الإعلانات، والتوزيع لتصبح «الأهرام» قلعة المفكرين، والأدباء، والفنانين، والمثقفين ورجال السياسة والحكم منذ صدورها حتى الآن.
تطورت صحيفة «الأهرام» من صحيفة إلى مؤسسة عملاقة فى عهد الأستاذ محمد حسنين هيكل تضم بين طياتها، إلى جوار الصحيفة الأهم والأكثر انتشارًا وتأثيرًا فى مصر والعالم العربى، واحدًا من أهم مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية على مستوى العالم، إلى جوار مركز عريق للترجمة والنشر، ثم كان التطور الثانى في عهد الأستاذ إبراهيم نافع، حينما تم إصدار أكثر من ١٨ إصدارًا متنوعًا في السياسة، والمرأة، والشباب، والأطفال، والرياضة، والاقتصاد، وصحيفتين: واحدة باللغة الإنجليزية، وأخرى بالفرنسية، إلى جوار أول موقع إلكترونى فى الصحافة المصرية. أيضًا تم تأسيس العديد من الشركات الاستثمارية، بالإضافة إلى تأسيس أول جامعة تابعة لمؤسسة صحفية فى مصر والعالم العربى وهى «جامعة الأهرام الكندية».
تعرضت مؤسسة «الأهرام» لهزة اقتصادية عنيفة مثلها مثل بقية المؤسسات والكيانات المصرية عقب اندلاع ثورة ٢٥ يناير 2011 وما تبعها من مشكلات اقتصادية أثرت سلبًا على الموارد الرئيسية للمؤسسة من إعلانات وتوزيع. كان التحدى ضخمًا، لكنه كان دافعًا قويًا لثورة اقتصادية هائلة انطلقت منذ ٦ سنوات فى عام ٢٠١٧ لتنويع مصادر دخل المؤسسة من أجل توفير مصادر التمويل للنشاط الصحفى وتطويره، وتحديثه، باعتباره النشاط الرئيسى للمؤسسة فى الماضى والحاضر والمستقبل. كانت البداية مضاعفة أعداد كليات الجامعة وبناء ٦ كليات جديدة، حيث تم تشغيل ٣ كليات منها وجارٍ تجهيز الثلاث الأخرى لتشغيلها خلال الفترة المقبلة، وقد انعكس ذلك على مضاعفة موارد الجامعة بنسبة تصل إلى ٣٠٠% ، هذا إلى جوار:
إنشاء أكبر مجمع للبنوك بمقر مؤسسة «الأهرام» بالجلاء يضم فروعًا لأكبر 5 بنوك وهى: (البنك الأهلى المصري – بنك مصر- بنك القاهرة – بنك التعمير والإسكان- بنك المصرف المتحد).
إنشاء مبنى إدارى فى القرية الذكية بالمشاركة وشراء حصة الشريك وإضافتها كأصل جديد للمؤسسة واستغلالها فى التوسعات المقترحة بالجامعة.
إنشاء مبنى سكنى وتجارى فى الغردقة بمحافظة البحر الأحمر بلغ عائده الصافى ٢٠٥ ملايين جنيه.
إنشاء نادٍ رياضى واجتماعى بالتجمع الخامس بالمشاركة مع إحدى الشركات على الأرض المملوكة للمؤسسة، لتكون «الأهرام» أول مؤسسة فى العالم تمتلك ناديًا رياضيًا واجتماعيًا على مساحة 74935م2 بعد أن تم استرداد الأرض من هيئة المجتمعات العمرانية بعائد استثمارى لمؤسسة «الأهرام» يصل إلى ٢٫٥ مليار جنيه بنسبة 35% من عوائد المشروع المتوقعة من العضويات.
البدء فى إنشاء مشروع استثمارى على أرض المؤسسة بالمقطم والتي تبلغ مساحتها (12161م2) بالمشاركة مع شركة النصر للإسكان والتعمير لتحقيق عائد متوقع يصل إلى ٥٥٠ مليون جنيه طبقًا لدراسة الجدوى المقدمة من الشركة.
نجحت المؤسسة فى سداد كل أقساط القروض البنكية المستحقة عليها للبنوك والتي بلغت 176.739.652 مليون جنيه.
تستهدف مؤسسة «الأهرام» حاليًا تحقيق التوازن المالى، وسد الفجوة بين الإيرادات والمصروفات خلال العامين المقبلين، إن شاء الله، بعد تشغيل الكليات الثلاث الجديدة، وبدء تدفق عوائد النادى ومشروع المقطم.
ولأن توفير الموارد هو الأصل فى نجاح أى مشروع، فإن ذلك يسير جنبًا إلى جنب مع رؤية تحويل مؤسسة «الأهرام» إلى مؤسسة إعلامية ذكية متكاملة (رؤية ٢٠٢٥)، تلك الرؤية التي تم إطلاقها فى ديسمبر ٢٠١٧، بحيث تتحول مؤسسة «الأهرام» إلى مؤسسة إعلامية ذكية متكاملة تضم الصحف والمجلات الورقية، والبوابة والمواقع الإلكترونية، والراديو، والتليفزيون، وصفحات السوشيال ميديا، ويدعم كل ذلك ويسانده توفير التمويل اللازم والضرورى للقدرة على المنافسة، وملاحقة التطورات المذهلة فى هذا المجال لتظل مؤسسة «الأهرام» الذراع الإعلامية الطولى للدولة المصرية، وما تحلم به فى «الجمهورية الجديدة» والمتطورة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذي لا يألو جهدًا فى توفير الدعم اللازم لتحقيق هذا الحلم، ودفع مسيرة العمل والانطلاق فى مختلف المجالات.
بقلم : عبدالمحسن سلامة رئيس مجلس إدارة الاهرام