كتبت _ دعاء السنباطي:
بعد اعلان الدكتورأحمد فؤاد هنو وزير الثقافة تخصيص قاعتي السينما بمتحف الجزيرة “الحضارة سابقًا” بساحة دار الأوبرا، لعرض الأفلام الوثائقية والقصيرة والتسجيلية والتحريك والتجريب والأعمال الأولي لشباب المخرجين من مصر ودول العالم، اعتبارًا من شهر يناير 2025؛ فى إطار مشروع يحمل اسم “السيما 36″، بهدف دعم صناعة السينما المصرية، وأتاحه الفرصة لمخرجي هذه الأفلام لعرض اعمالهم .نعرض فى سطور لما هو تاريخ هذا المكان؟ ولماذا اخترته وزارة الثقافة لبداية مشروعها؟
يعد مبني متحف الجزيرة “الحضارة سابقًا” بساحة دار الأوبرا من اقدم المباني التاريخية الموجودة فى هذه المنطقة إن لم يكون اقدمها على الإطلاق، أنشئ فى الأساس كاستراحة للملك فؤاد خلال زيارته لأرض المعارض بسراي النصر (أرض الجزيرة ـ الأوبرا حالًيا)، وصممه وأشرف على بنائه مصطفى بك فهمى مدير الخاصة الملكية، واسندت الأعمال التنفيذية لأحدي الشركات الإيطالية المتخصصة فى هذا الوقت .
وفي 15 فبراير عام 1936 قام نائب الملك فؤاد بافتتاح المعرض الزراعي الصناعي الخامس عشر الذي نظمته الجمعية الملكية برئاسة الأمير عمر طوسون على أرض الجمعية بالجزيرة وعرضت فيه المنتجات الزراعية والأعشاب والزهور والمنتجات الصناعية المختلفة إلى جانب الابحاث المتعلقة بالزراعة وتطويرها، وزار المبني بعد الأنتهاء من إنشائه،وظل بعد ذلك مخصص كأستراحه ملكية إلا أنه لم يكن يستخدم كثيرًا فى هذا الوقت.
وفي السادس من أبريل 1939 التقي أعضاء لجنة المعارض بالجمعية الزراعية الملكية بالملك فاروق وإستئذنوه في إقامة الدورة السادسة عشر للمعرض الزراعي الصناعي، حيث كانت التقاليد تحتم أن يتقدم مجلس إدارة الجمعية إلى مقام الملك بطلب المقابلة واستئذانه فى اقمة المعرض قبل الشروع فى اعداده، وفي اللقاء عرضوا عليه مذكرة تتضمن اقتراح تحويل السراي الكبري بارض المعارض إلى متحف للحضارة المصرية، يعرض فيها نماذج من حضارة مصر منذ فجر التاريخ إلى التاريخ الحاضر، ووافق الملك فاروق علي المقترح وأحاله إلي المؤدَّب باشا مدير عام الجمعية الزراعية الملكية والذى قام بالاتفاق مع وزارة المعارف العمومية لاتخاذ الإجراءات التمهيدية لتحقيق المقترح، فشكلت لجاناً تاريخية، اختص كل منها بدراسة عصر معين، كما تألفت لجنة تنفيذية وأخرى للتنسيق، وخصصت الجمعية الزراعية الملكية الدورين الثالث والرابع من السراي الكبرى بأرض المعارض بالجزيرة لإقامة المتحف.
ونتيجة للظروف التى واكبت الحرب العالمية الثانية (سبتمبر 1939– سبتمبر 1945(، وعدد من الاعتبارات الأخري لم تتخذ أية إجراءات تنفيذية للمشروع حتي بداية عام 1943، عندما اعتمدت اللجنة العامة للمتحف تقريرًا لوكيل وزارة المعارف أن ذاك محمد شفيق غربال، وتم تخصيص عشرة آلاف جنيه مصري للصرف منها على الأعمال الإنشائية، وتكليف حضرة الدكتور حسين حسني باشا السكرتير الخاص للعرضة الملكية بالمساهمة في أعمال البناء وتتبع مراحل الإنشاء، وفي عام 1944 ندب حسين يوسف فوزي من رئاسة قسم الفنون الزخرفية بمدرسة الفنون الجميلة العليا لإدارة المتحف والإشراف على تنفيذ مشروعاته، ليصبح بذلك أول مديرًا له.
وفى العاشر من فبراير عام 1949 افتتح الملك فاروق متحف الحضارة المصرية بارض المعارض بالجزيرة، والذى ضم عدد كبير من المقتنيات،وتم تقسيم المعروضات إلى :” عصر ما قبل التاريخ، العصر الفرعوني، العصر الإغريقي الروماني، الحضارة القبطية، العصر العربي.، العصر العثماني.، العصر الحديث قاعة محمد علي وإسماعيل، وقاعة الملك فؤاد والملك فاروق.
وبعد ثورة 23 يوليو، تقرر تحويل متحف الحضارة المصرية لمتحف للفنون وتم إعادة افتتاحه في 25 أغسطس عام 1957 فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
واستمر المتحف حتي عام 1968 يؤدي وظيفته حتي تقرر أن يتم تحويله إلى “قبه سماوية”، أشرف على إقامتها الراحل الدكتور محمود خيرى رئيس المعهد القومى للدراسات الجيوفيزيقية والفلكية، وكانت بمثابة عرض بانورامي يقدم نماذج لحركة الكواكب والنجوم ودوران المجموعة الشمسية، بمصاحبة تعليق علمى تعقيبًا علي العرض، وتتسع لعدد 500 مشاهد.
ومع التطور التكنولجي وزيادة المعارف اصبح ما تقدمه القبة السماوية لايواكب العصر، وتزامن مع ذلك عودة فكرة إقامة متحف للحضارة المصرية للظهور من جديد، وفي عام 1982 تم الاتفاق بين مصر واليونسكو على تطوير هذا المبني واستخدامه في إنشاء المتحف القومى للحضارة بجوار دار الأوبرا الجديدة أن ذاك، وفي عام 1984 أعلنت وزارة الثقافة عن أختيار تصميم للمتحف القومي للحضارة، وتأجل تنفيذ هذا المشروع لأسباب مختلفة إلى أن قررت وزارة الثقافة فى عام 1999 تغيير مكان المتحف المقترح فى أرض المعارض لمكان أخر، نظرًا لمحدودية المساحة المتاحة للمشروع ووجوده فى منطقة شديدة الازدحام، ووقع الاختيارعلى منطقة الفسطاط وتم تنفيذ المشروع هناك .
وقررت وزارة الثقافة الأبقاء على مشروع تحويل هذا المبني التاريخي لمتحف ضخم يضم كنوز الفنون المصرية، ورغم تعطل المشروع لسنوات كثيرة، إلا أن قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور وليد قانوش يعمل حاليًا على الأنتهاء منه فى اقرب وقت ممكن، وأستثمار المساحات الملحقة به ثقافيأ .
ومع سعي وزير الثقافة دكتور أحمد هنو لدعم صناعة السينما خاصة الأفلام الوثائقية والقصيرة والتسجيلية والتحريك والتجريب والأعمال الأولي لشباب المخرجين تم البحث عن احد المواقع القريبة من تجمعات الشباب والتي يمكن استخدامها لعرض هذه الأفلام لأكبر قدر من الجمهور المصري، وتقرر فى إطار التكامل بين قطاعات الوزارة استثمار قاعتي العرض السينمائي الملحقتين بالمتحف واللتان تتمتعان بباب منفصل وتستخدم لأنشطه محدودة لدعم مشروع “السيما 36″، لحين افتتاح متحف الجزيرة للفنون فى القريب العاجل .