بقلم: محمد عبد المجيد نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية
خلال العقود الخمسة الماضية، كانت المخاطر التي دأب كثيرون على التحذير منها هي الانفجار السكاني، نقصان المصادر الطبيعية والمعادن، التلوث البيئي، واحتمال وقوع حرب نووية.. أما اليوم ومع التطور الهائل في مستوى التكنولوجيا وتطبيقاتها، فقد تحول الأمر إلى أخطار أخرى؛ روبوتات سيصل ذكاؤها إلى درجة تسمح لها بالتفوق على البشر، بخاصة مع قدرات الذكاء الاصطناعي، أو فيروسات مدمرة توقف الإنترنت عن العمل.
الذكاء الاصطناعي هو الموضة الجديدة التي يدور الحديث حولها في كل المجالات، في أجهزة الهواتف الذكية، في الأجهزة المنزلية، في التلفزيونات، في الأسلحة، وأيضاً في السيارت الذكية، التي يفترض أن تنتشر قريباً في شوارع مدننا خلال 5 سنوات.. القلق الحقيقي، وفق بعض الخبراء، هو أنه وبحلول العام 2075، سـتصل آلات مزودة بقدرات خاصة إلى مستويات ذكاء تفوق مستوى الإنسان تمكنها من اتخاذ قرارات بشكل ذاتي، من دون العودة إلى أي مرجعية بشرية.
وحذرت ورقة بحثية أصدرها خبراء في الذكاء الاصطناعي في المجالين الصناعي والأكاديمي، صدرت بعنوان «الاستخدام الضار للذكاء الاصطناعي: التنبؤ والوقاية والتخفيف»، من أن هذا القطاع سيؤثر سلبًا على الجنس البشري وسيؤدي في لحظة ما إلى أضرار جسيمة في عدة جوانب حساسة في حياته.
واعتبرت الدراسة أن «الاستخدام المزدوج» وقدرة الأجهزة التقنية على اتخاذ آلاف القرارات المعقدة في الثانية الواحدة يمكن استخدامها في النقيضين إما منفعة أو إيذاء الناس، ويعتمد ذلك على الشخص الذي يقوم بتصميم النظام.
الحل في مواجهة سيناريو ثورة الآلات الذكية على البشر هي المهارات الرقمية، وهي مجموعة من المعارف والخبرات والقدرات على استخدام الأجهزة والتقنيات الرقمية بشكل كفؤ ومفيد، بحيث تمكن الأفراد من إدارة المحتوى الرقمي ومشاركته بشكل فعال ومبدع يؤدي إلى زيادة الدقة والكفاءة والجودة والانتاجية في كل أنشطة الحياة العامة والعملية، وتعتبر أحد أساسيات التحول الرقمي لبناء الاقتصاد الرقمي المعرفي الحديث.
وفي استطلاع جديد أجرته شركة كاسبرسكي، أشار إلى افتقار أكثر من نصف الموظفين في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا إلى المهارات الرقمية عند ممارسة أعمالهم على أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الرقمية الأخرى.
ويرى الموظفون أنهم كانوا ليكسبوا أموالاً أكثر بمعدل وسطي 41% لو امتلكوا مهارات رقمية أعلى.
وعلى وجه الخصوص قال المشاركون في مصر أنهم سيكسبون أموالاً أكثر بنسبة 53% لو كانت مهاراتهم الرقمية أفضل، أما المشاركون في دولة الإمارات العربية المتحدة، فقالوا أنهم سيكسبون أموالاً أكثر بنسبة 44%.
كذلك أشار المشاركون في المملكة العربية السعودية إلى احتمال زيادة رواتبهم بنسبة 36% لو تحسّنت مهاراتهم الرقمية، وقال المشاركون في تركيا وجنوب إفريقيا أن أجورهم سترتفع بنسبة 35% و36% على التوالي.
يتفطّن الموظفون إلى أهمية اكتساب مهارات رقمية جديدة، وصقل مهاراتهم الحالية.
ففي عموم منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، بادر نحو 79% من الموظفين إلى تلقي دورات تدريبية – مدفوعة أو مجانية – في المعرفة الرقمية من تلقاء أنفسهم.
وبلغت نسبة أولئك الموظفين في مصر قرابة 75%، في حين بلغت 70% في السعودية، و91% في دولة الإمارات العربية المتحدة، و81% في تركيا، و76% في جنوب أفريقيا.
لا يعرقل نقص المهارات الرقمية مسيرة الفرد المهنية، وإنما يُفضي إلى مخاطر حقيقية مرتبطة بالأمن السيبراني للمؤسسة التي يعمل فيها. لذلك يعد «جدار الحماية البشري» من الوسائل الدفاعية الأساسية للحماية من الحوادث السيبرانية. فربما يفتح الموظفون رابطَ تصيدٍ احتيالي، أو يقومون بتنزيل برمجية فدية على جهازٍ للشركة، فيُسبب ذلك خسارةً مادية لها، ويلحق الضرر بسمعتها. لأجل هذا السبب حريّ بالموظفين على اختلاف مستوياتهم – من المديرين حتى المستجدّين – أن يتلقوا تدريباً مناسباً في مجالي تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني.
فالمهارات الرقمية تُشكل حالياً قوامَ التقدم الوظيفي، وعندما تستثمر الشركات في تدريب موظفيها على تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، فذلك لا يرسخ سمعتها بأنها شركات معنية برفاه موظفيها فحسب، وإنما يعزز أيضاً الحماية السيبرانية للبنية التحتية المؤسسية.
يوصي خبراء كاسبرسكي بالإجراءات التالية لمساعدة الموظفين في تحسين مهاراتهم الرقمية:
احرص على إجراء مراجعات دورية لفهم المهارات الرقمية التي تكون الأعمال في أمسّ الحاجة إليها.
نظّم للموظفين جلسات تدريبية ودورات تعليمية حتى يتسنى لهم تحسين مهاراتهم.
تأكد من إلمام الموظفين بالتهديدات السيبرانية الرائجة مثل التصيد الاحتيالي، والخداع، وهجمات برمجية الفدية، وتأكد أنهم يستطيعون تمييزها وتجنبها..
Ahmah1712@yahoo.com