من الوهلة الأولى ينتاب البعض منا عند قراءة العنوان التفكير في المقصد أو المغزى من هذا العنوان … تعالوا معًا نبحر إلى المضمون فنحن أتينا إلى الدنيا دون إدراك أو تدخل منا في ذلك، وفي إعتقادنا أننا نولد وفي فمنا ملعقة من الذهب، وأحيانا يوهِم الآباء أبناءهم بذلك تدليلًا لهم.
ثم تبصر أعيننا الحياة بين أب وأم يصنعان شخصيات أطفالهم من خلال غرس العادات والتقاليد والقيم بأختلاف ترتيبها، ثم يساهم المجتمع في بناء جزءا من تكوينهم فمنهم الصالح والطالح ،
ثم يواجهون بأنفسهم كل المواقف في الحياة فيكتشفون حقائق منها ما يصدمهم بالآخرين ومنها ما يكون درسآ لهم في إكتساب الخبرات ، فالحياة ليست بـ ( غابة ) ولكن بالتأكيد يحكمها قانون يُطبق على الجميع دون أدنى أستثناء ، فعلينا دور مهم وهو تصحيح الصورة الذهنية التي تصل لعقولنا وعقول أبنائنا فتنعكس على التصرفات الشخصية بدءاً من الطفولة حتى الكبر ، فعندما يُدلل الطفل وتجاب مطالبه بسهولة دون تعليمه الصواب من الخطأ يكون هذا بمثابة صناعة جيل غير مسؤول لا يُساهم في بناء المجتمع ومساعدة الآخرين ، فيصبح الطفل شخصًا سلبيآ لا يفيد نفسه ولا وطنه بل من الممكن أن يضر غيره .
فقد نرى بعض المواقف التى أظهرت تربية الآباء للأبناء بطريقة غير صحيحة فترى بعض الأطفال في مواقف يتعاملون بغرور كبير جداً ما يُمثل سلوكًا سيئآ ينعكس على شخصيتهم التى إكتسبوها دون أي توجيه من الآباء ،
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ” وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ” ( الإسراء _ 37 )
” وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ” ( لقمان _ 18 )
وأيضًا وعود في الكتاب المقدس وآيات عن الكبرياء
الأمثال 18:16 (قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح) _ أشعياء 21:5 (ويل للحكماء في أعين أنفسهم والفهما، عند ذواتهم)
إذن جميع الأديان نصت على عدم التكبر والغرور فلا داعي أن نربي الأبناء على تلك الصفات السيئة سواء عن قصد أو غير ذلك من خلال التصرفات والمعاملات فالطفل يتأثر بكل شيء ويستمد شخصيته مما يراه حوله أو من البيئة المحيطة به.
وكما قيل من قبل تربية الطفل كالنقش على الحجر ،
أيضا نرى عوامل تؤثر على تربية الطفل مثل الـ (سوشيال ميديا) وهذا الجانب يؤثر للغاية الآن في تربية الأبناء فهي منصة ذات حدين (جانب سلبي وجانب إيجابي) فأحيانا يتم تسخير الشباب والسيطرة على أفكارهم من خلال حملات سلبية من قبل أعداء الشر للوصول لأهداف مختلفة تمثل صناعة منهجية جديدة تؤثر على المجتمع العربي والعالم ، فيجب أن نحذر من الإنقياد وراء التكنولوچيا المستحدثة ونأخذ منها المفيد فقط وعلينا أن نحذر الأبناء من سلبية الأستخدام لمواقع التواصل والأنقياد وراء ما يتم تقديمه لتغيير العقول فهناك مخططات من الجيل الرابع والخامس تعمل على تغيير الحقائق من خلال ذلك.
ثم يأتي جانب مهم ومؤثر في شخصية الأبناء وهو العامل النفسي فقد قمت بالبحث في هذا الجانب من خلال التحدث مع الطبيب النفسي المختص دكتور (إبراهيم مجدى) أتضح أنه بالفعل من الممكن أن يكتسب الطفل كل التصرفات من الآباء سواء بالإيجاب أو بالسلب، وأحيانًا أخرى قد تكون سلوكيات الطفل هي طبيعته السيكولوچية وقد تكون أيضا سلوكياته مكتسبة من أصدقائه أو المجتمع وقد يتحكم أيضا جزء كبير في ذلك تكوين شخصيته ،
وقد يكون الطفل مصابًا بالإنحراف السلوكي وهذا يمثل خللًا يتم إكتشافه ومعالجته أيضًا ،
فعلينا أن ننتبه أن ما يحدث حولنا من صراعات هو مخطط لإفشال الدولة من خلال تسليط الضوء على بعض المواقف الفردية وتضخيمها فيجب أن نراعي هذا مع عدم ترك الأبناء للأفكار السلبية
فمواقع التواصل ليست بأكملها إيجابية ، ويوجد بعض الأشخاص ممن لديهم رغبة المشاركة لأي شيء حتى يُشبع الفرد رغبته النفسية حيث يعتقد وينتابه شعور شخصي بأن له أهميةً في المجتمع عند فعل ذلك مما يعمل على إرضاء جزءًا من غروره في مشاركة الأخبار المزيفة ،
فيجب على جميع أولياء الأمور أخذ الحذر عند تربية الأبناء بإنتشال تلك الملعقة المصنوعة من الذهب من فكرهم ، وتنمية روح التواضع وإحترام الغير والتعاون.
وأيضًا غرس جزء من المسؤولية تجاه أنفسهم والمجتمع وتشجيعهم على المشاركة بما يفيد مستقبلهم والحفاظ على وطنهم ضد أي مخطط يمر بهم وتحري الدقة في الأخبار التي يشاهدونها، وتوجيه الآباء لهم ضروري لتوعيتهم والتي تعمل على عدم تشتيت وعي الشباب من خلال توجيههم عند إستخدام التكنولوچيا الحديثة وعدم بث الشائعات المغرضة فيجب الحذر والفهم والتوعية لشباب المستقبل للحفاظ على بناء وأستقرار البلاد من خلال بناء جيل واعٍ ومثقف يعمل على تطوير مصر والمشاركة برأيه مهم وضروري في تقدم وبناء وطنه في جميع مراحل النمو التي تشهدها البلاد في الفترة الحالية والمقبلة بأذن الله ..
بقلم
مي عبد السلام